تدهور الأوضاع الاقتصادية في اليمن تنذر بكارثة حقيقية
يمنات – صنعاء
فاقمت الأزمة الاقتصادية وانعدام السيولة النقدية في اليمن معاناة اليمنيين، وانعكست تأثيراتها على مختلف المستويات، في ظل الحرب المستمرة منذ عامين، والتي ستدخل غدا الأحد 26 آذار/مارس عامها الثالت.
وتجلت أبرز مظاهر أزمة الأموال، في عجز الدولة عن صرف رواتب موظفي قطاعاتها الذين يبلغ عددهم نحو مليون ومئتي ألف موظف مدني وعسكري، منذ ما يقارب ستة أشهر، ما زاد الأعباء على معيشة اليمنيين، الذين يعاني نحو سبعة ملايين منهم من المجاعة ولا يعرفون متى سيحصلون على وجبتهم التالية، فيما 19 مليون يمني هم ثلثا السكان بحاجة لمساعدات انسانية فورية، بحسب إحصائيات دولية.
وزارة المالية، الجهة التي تتولى جمع إيرادات الدولة المكونة من ضرائب وجمارك وغيرها من القطاعات الإيرادية التي تضررت من أزمة السيولة جراء الحرب، وتقوم بصرف الرواتب، إلا أنها فقدت منذ بداية الحرب إيرادات النفط والغاز التي كانت تمثل 70 بالمئة من ميزانية اليمن، واللذين أصبحا تحت سيطرة الحكومة الشرعية المتواجدة في عدن، كون محافظتي مارب وشبوة وحضرموت الغنية بالنفط والغاز خاضعة بصورة كلية لسيطرة قوات الجيش اليمني المدعومة بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
عبد الكريم السودي أحد العاملين في وزارة المالية اليمنية، تحدث لـ “سبوتنيك” عن معاناة المحافظات الشمالية جراء توقف صرف الرواتب بسبب أزمة السيولة وقرار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن في الثامن عشر من سبتمبر/ أيلول 2016.
وقال السودي: “غالبية الموظفين الحكوميين توقفوا عن الذهاب لمرافقهم بسبب عدم صرف رواتبهم، لم يعد يجدون ما ينفقون به على أسرهم، ازمة الرواتب مستمرة منذ 6 أشهر، توقفت الحركة المالية بصورة شبه كلية”.
المتقاعدون من موظفي الحكومة أيضاً طالتهم الأزمة المالية، فلم يتقاضوا مرتباتهم التقاعدية بصورة منتظمة ـ باستثناء راتب شهر واحد فقط تسلموه بعد انتظار 6 أشهر.
ألقت أزمة الرواتب بظلالها على الوضع الأمني في اليمن، حيث شهد معدل الجريمة ارتفاعاً وخاصة القضايا الجنائية ـ وتلك المتصلة بتزييف الأموال.
النقيب في الأمن الجنائي شريف الضلعي قال لـ “سبوتنيك”: “إن عدم صرف رواتب الموظفين انعكس سلبا على مكافحة الجريمة من جهتين ـ الأولى من حيث أن افلاس الموظفين دفع البعض منهم للحصول على المال بطرق غير شرعية، أو القيام بأعمال غير قانونية”.
النقيب الضلعي أضاف أن “التأثير السلبي الآخر الاخطر كان على قطاع الشرطة والأمن الذي وجد العاملون فيه انفسهم يعملون دون استلام رواتبهم لأشهر فيما هي في الاساس زهيدة وبالكاد تغطي نفقاتهم، وهو ما قلص حجم الطواقم العاملة”.
وفيما يتعلق بالتعليم في اليمن ـ فقد تأثر العاملون فيه كثيرا من عدم حصولهم على رواتبهم، وغالبية المدارس اختصرت ساعات الدوام، مراعاةَ لمعاناتهم.
وفي هذا السياق قال الأستاذ عبد الله محمد علي مدير مدرسة لـ “سبوتنيك”: إن معظم المعلمات في مدرسته بعن مقتنياتهن الذهبية لتوفير المواصلات كي يتمكن من الوصول إلى المدرسة، مشيرا إلى أن الكثير من المعلمين، لم يتمكنوا من أداء وظيفتهم، بسبب انقطاع المرتبات، الأمر الذي انعكس سلبا على العملية التعليمية برمتها، إضافة إلى عدم تمكن الآباء من تأمين مصاريف الدراسة لأطفالهم، وتركهم الدراسة.
وعلى الرغم من إعلان حكومة الدكتور أحمد بن دغر في عدن عزمها صرف رواتب المعلمين في كل المحافظات، من الأموال التي تم طباعتها في شركة جوزناك الروسية لطباعة وتوريد 400 مليار ريال والتي وصل بعضها في يناير/ كانون الثاني إلى مطار عدن، وقامت حكومة هادي أواخر الشهر ذاته بصرف مبلغ مليار وثلاثمئة مليون ريال يمني وهو اجمالي رواتب معلمي العاصمة فقط لشهر واحد.
وقد بذلت حكومة روسيا الاتحادية جهوداً لطباعة تلك الاموال بهدف معالجة أزمة الرواتب في اليمن، ومعها الامم المتحدة والتي تسلمت كشوفات الموظفين على أن يتم الدفع بناء عليها، فيما اكد رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر ان الحكومة لن تستطيع دفع رواتب الموظفين فيما ايرادات ميناء الحديدة وغيرها من الموارد في مناطق سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثيين، لا تذهب إلى البنك المركزي في عدن.
وأضاف ان “على الحوثيين تحمل مسؤولية المناطق التي يسيطرون عليها، بدفع رواتب الموظفين فيها”.
المصدر: سبوتنيك